المدير العام للغابات، علي محمودي لـ «الشعب»: 

100 حريق بـ 20 ولاية مؤخّرا 

حاورته: سعاد بوعبوش

 85 % من الأسباب  مجهولة

بعد مسلسل الحرائق الذي سجّلته الجزائر السنة الفارطة، والذي أتى على 44 ألف هكتار، و3493 بؤرة حريق، ها هي اليوم ونحن مع بدايات الصيف تسجّل 100 حالة اندلاع حريق بـ 20 ولاية أتلفت مساحة تقدّر بـ 440 هكتار، حسب ما كشفه المدير العام للغابات، علي محمودي، في حواره مع «الشعب»، متطرّقا إلى التّدابير المتّخذة من طرف هيئته استعدادا لمكافحة الحرائق بهدف تطوير الوسائل العملياتية والتّقنية، والتّنسيق مع الأطراف المتدخّلة في هذا المجال.

الشعب: استعدادات المديرية العامّة لمواجهة الحرائق تطرح في كل مرة مدى جاهزية أعوانها، خاصة ما تعلّق بالجانب العملياتي والتّقني؟
 المدير العام للغابات علي محمودي: كما تعوّدنا كل سنة هناك مخطّط غابات، بحيث نضع في برنامجنا 40 ولاية مصنّفة كنقاط سوداء مستهدفة بالحرائق، خاصة ولايات الشمال كل سنة، وفي كل ولاية هناك لجان تنصّب ما بين شهري أفريل وماي، الأولى لجنة ولائية يترأّسها الولاة، بالإضافة إلى لجان على مستوى الدوائر، البلديات والقرى بهدف تنسيق الجهود.
وفي 24 ماي الفارط، تمّ تنصيب لجنة وطنية يترأّسها وزير الفلاحة والتنمية الريفية، مكوّنة من 12 قطاعا وزاريا و13 هيئة متدخلة في مجال مكافحة الحرائق كسونلغاز، النقل بالسكك الحديدية، وتحديد المسؤوليات كل في مجال اختصاصه.
بالنسبة للبرنامج العملياتي للمديرية العامة للغابات، تمّ وضع أبراج مراقبة والمقدر عددها 404 برج، والتي بدأت منذ بداية جوان، وتم تجنيد عمال موسميين مجهّزين بأجهزة لاسلكية للإعلان السريع عن الحرائق بمجرد رؤية الأدخنة، ما سيسمح بتدخل الفرق المتنقلة للتدخل السريع في المسالك الصعبة، والمقدر عددها 478 فرقة مجهزة بسيارات ثنائية الدفع، مجهزة بمضخات دافعة وأدوات بسيطة كالفؤوس والرفوش لاحتواء الحريق في بدايته، ناهيك عن ضمان المداومة 24/24 سا على مستوى جميع هيئات إدارة للغابات.

 ..اقتناء 80 سيارة مصهرجة سيرفع الأرتال المتحرّكة

 بالنسبة للأرتال المتحرّكة هل ستعرف تعزيزات أخرى؟
 عرفت توفير الأرتال المتحركة منحى تطوريا ما ساعد في احتواء الحرائق والحيلولة دون اتساع رقعتها، فبعد أن كان العمل في سنة 2018 بمعدل رتل لكل 5 أو 8 ولايات، أصبح العمل ابتداء من السنة الفارطة في حدود 20 رتلا متحركا بمعدل رتل لكل ولايتين، وهذه السنة سيتم اقتناء 80 سيارة مصهرجة مهيأة للتدخل الأولي، ما سيرفع من عدد الأرتال المتحركة إلى 30 رتلا، فيما سيتم اقتناء (10) العشرة المتبقية السنة المقبلة 2022 بهدف الوصول إلى معدل رتل لكل ولاية، وهو تطور ملحوظ سيكون له الأثر في الميدان.
وقد بدأت هذه الأرتال المتحركة في العمل، خاصة وأنه تم تسجيل 100 حالة اندلاع حريق بـ 20 ولاية، والتي أتلفت مساحة تقدّر بـ 440 هكتار، سيما بمنطقة الهضاب العليا فبتبسة مثلا: تسبّب حريق في إتلاف 33 هكتارا من منتوج الحلفاء، فيما سجل أكبر حريق في سطيف، والذي أتلف 70 هكتارا من غابات وأشجار مثمرة.

..تأثّر المسـالك الغــابية المهيـّأة بالأمطار المتطرّفة
 
يشتكي أعوان الحماية المدنية في كل مرة من عدم تهيئة المسالك الغابية، ما يعيق وصولهم إلى أماكن اندلاع الحرائق؟
 بالفعل كل سنة يطرح أعوان الحماية المدنية انشغالا يتعلق بعدم تهيئة المسالك الغابية، غير أن تهيئتها تتم كل سنة في شهري أفريل وماي، إلا أنه ما يجب أن نعرفه في حال وقوع ما يسمى بالظواهر المتطرفة كالأمطار المفاجئة أو الفيضانات سيما في جوان بسبب الاحتباس الحراري والمتغيرات المناخية، هي ما يؤدّي إلى تدهور هذه المسالك.
وإلى جانب تهيئة المسالك الغابية، تمّ تهيئة نقاط المياه داخل الغابات في حدود 2900 نقطة ممتلئة تتوزّع على مستوى مختلف المحيطات الغابية والفلاحين وإدارة المياه، ولدينا كل المعطيات والمؤشرات الخاصة بها، وفي حال حدوث حريق مفاجئ، يتم الاستعانة بها بصفة وقائية أولية قبل وصول الفرق المختصة.
أين وصل مشروع اقتناء الطائرات القاذفة للمياه في إطار تطوير استعمال الوسائل الجوية لمكافحة الحرائق؟
  أعيد وأكرّر إنّه مشروع لحد الساعة، وقد قمنا بكل ما يلزم مع وزارة الداخلية من أجل تجسيده، وساهمنا في إعداد دفتر الشروط لاستئجار واقتناء طائرات صغيرة لمكافحة الحرائق، والمسألة هي بيد السلطات العليا للبلاد لأنّ الأمر يتعلق بجدوى هذه المناقصة.
في هذا الإطار، أذكر أنّ مديرية الغابات سبق وأن قامت في سنة 2000 باستئجار طائرات من هذا النوع، وتم تجريبها بولاية تيبازة لتحديد مدى جدواها وملاءمتها مع تراثنا الغابي، أين تم القيام بتمرين يحاكي حريق حقيقي، وانتهى بنتيجة مرضية جدا، وتم إخماد الحريق في وقت قصير والتحكم فيه.
غير أنّه آنذاك تمّ القيام بدراسة مقارنة من حيث التكاليف، بحيث وجدوا أنّ اقتناء طائرة من هذا النوع يكلّف اقتناء 100 شاحنة صغيرة مصهرجة، فتمّ تفضيل الاختيار الثاني والتخلي عن فكرة الطائرات.
- كان هناك حديث حول مشروع الشّراكة مع منظمة الأغذية والزراعة لتعزيز الوسائل التقنية الممولة بهدف البحث عن الاسباب المجهولة للحرائق، أين وصل؟
 بالفعل هذا المشروع قائم ومهم، وتمّ تمويله من طرف سفارة وتم في هذا الإطار الاستعانة بخبراء من جنوب فرنسا، على اعتبار أن هذه المنطقة لها نفس الخصوصيات الطبيعية لشمال الجزائر، كما أن كلاهما يعانيان من الحرائق كل سنة وبصفة دورية.
وسمحت هذه التجربة بتسليط الضوء على كيفية قلب مقاربة الأسباب التي تقف وراء الحرائق لديهم، فبعد أن كانوا في الثمانيات والتسعينات يرجعونها إلى الاسباب المجهولة بنسبة 85 بالمائة، اليوم بفضل الخبرة التقنية أصبحت لا تمثل سوى 15 بالمائة من مسبّبات الحرائق، ما سمح لهم بمعالجة سبب الحريق في العمق واحتوائه قبل انتشاره، وهو ما تأمل مديرية الغابات الوصول إليه وتحقيقه، فلا زالت الاسباب المجهولة تشكّل النسبة الأكبر التي تلصق بها الحرائق للأسف في بلادنا.
وفي إطار هذا المشروع، هناك خلايا تضم إطارات مكونة من عون حماية، دركي وعون غابات في كل ولاية، مكلفين بالقيام بالتحري والتحقيق لدى اندلاع أي حريق لتحديد الأسباب التي تقف وراءه.
- هل سيتم التّصعيد في العقوبات على المتسبّبين في الحرائق في حال ثبوت عنصر السبق والإصرار لدى العنصر البشري؟
 فيما يخص الجانب العقابي، يجب أن نعلم أن القانون العام للغابات والصادر في 1984 قد تجاوزه الزمن بعد مرور 34 سنة عليه، لهذا تمّ تحيننه والانتهاء من ذلك، كما أنّ وزارة الفلاحة والتنمية الريفية قامت بالاستعانة بخبير في التشريع، وعرضت عليه مسودة القانون قبل إرسالها لأمانة الحكومة للموافقة عليها وعرضها للمصادقة.
وفي انتظار ذلك، يتم حاليا تطبيق قوانين الجمهورية الأخرى كقانون العقوبات والإجراءات الجزائية في هذا الخصوص، ولعل العقوبات التي فرضت على المتسبّبين في حرائق السنة الفارطة خير دليل على ذلك.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024